خرافات كورونا: الحقيقة المكشوفة

خرافات شائعة عن فيروس كورونا وكشف السر حولها

منذ بداية ظهور فيروس كورونا المستجد (COVID-19) في أواخر عام 2019، تسببت الجائحة في موجة من القلق والذعر في جميع أنحاء العالم. ومع تزايد حالات الإصابة والوفاة، بدأ الناس في البحث عن أي معلومات قد تساعدهم على فهم هذا المرض الجديد وكيفية الوقاية منه. لكن، كما هو الحال مع أي حدث كبير، انتشرت العديد من الخرافات والمعلومات المضللة حول الفيروس وطرق انتقاله وعلاجه. في هذا المقال، سنتناول بعضاً من أشهر هذه الخرافات ونكشف الحقيقة العلمية وراءها.

1. فيروس كورونا هو مجرد نوع آخر من الإنفلونزا

إحدى الخرافات الأكثر شيوعًا والتي انتشرت في بداية الجائحة هي أن فيروس كورونا ليس سوى نوع آخر من الإنفلونزا. هذه الفكرة قد تكون مغرية نظرًا لأن الأعراض الأولية للفيروسين تتشابه إلى حد ما، مثل الحمى والسعال وضيق التنفس. ولكن الحقيقة هي أن فيروس كورونا المستجد يسبب مرضًا أكثر خطورة وقد يؤدي إلى مضاعفات شديدة مثل التهاب الرئتين، والفشل التنفسي، وفشل الأعضاء المتعددة. كما أن معدل الوفيات المرتبط بـ COVID-19 أعلى من معدل الوفيات المرتبط بالإنفلونزا الموسمية.

2. الكمامات لا تحمي من الفيروس

من الخرافات المنتشرة أيضًا أن ارتداء الكمامات ليس له فائدة كبيرة في الوقاية من فيروس كورونا. الحقيقة العلمية هنا هي أن الكمامات، خاصة الكمامات الجراحية أو الكمامات N95، فعالة جدًا في تقليل انتقال الفيروس. الكمامات تعمل على منع الجزيئات التنفسية التي تحتوي على الفيروس من الانتقال من شخص إلى آخر، مما يقلل من فرص الإصابة. ولقد أكدت دراسات متعددة أن المجتمعات التي اعتمدت ارتداء الكمامات بشكل واسع شهدت انخفاضًا ملحوظًا في عدد الإصابات.

3. يمكن علاج فيروس كورونا باستخدام أدوية معينة مثل الهيدروكسي كلوروكين أو الأدوية المنزلية

انتشرت خرافات كثيرة حول إمكانية علاج فيروس كورونا باستخدام أدوية معينة مثل الهيدروكسي كلوروكين أو حتى باستخدام علاجات منزلية مثل الثوم أو الفيتامين C. رغم أن الهيدروكسي كلوروكين كان موضوعًا للبحث في بداية الجائحة، إلا أن الدراسات اللاحقة أثبتت أنه لا يقدم فوائد كبيرة في علاج COVID-19 وقد يسبب آثارًا جانبية خطيرة. أما فيما يتعلق بالعلاجات المنزلية، فقد أظهرت الأبحاث أنه لا يوجد علاج منزلي يمكنه شفاء أو الوقاية من الفيروس بشكل فعال. العلاج الوحيد المؤكد هو الرعاية الطبية المناسبة والدعوة إلى اللقاحات التي ثبت فعاليتها في الوقاية من الفيروس.

4. الأشخاص الذين لا يعانون من أعراض لا يمكنهم نقل الفيروس

من المفاهيم الخاطئة الأخرى التي انتشرت هي أن الأشخاص الذين لا يعانون من أعراض لا يمكنهم نقل فيروس كورونا إلى الآخرين. لكن الحقيقة هي أن العديد من الأشخاص المصابين بفيروس كورونا يمكن أن يكونوا معديين حتى وإن لم تظهر عليهم أعراض. هذه الظاهرة تعرف باسم “الانتقال الخفي” أو “الانتقال من دون أعراض”. الدراسات العلمية أثبتت أن الأشخاص الذين يعانون من أعراض خفيفة أو الذين لا يظهر عليهم أي أعراض على الإطلاق يمكن أن ينقلوا الفيروس إلى الآخرين، وهو ما يفسر السبب في سرعة انتشار الجائحة.

5. إذا أصبت بالفيروس، فلن تصاب به مرة أخرى

كانت هناك خرافة شائعة مفادها أن الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس كورونا وشفوا منه لن يصابوا به مرة أخرى. في الواقع، وعلى الرغم من أن الإصابة الأولى قد تخلق بعض المناعة ضد الفيروس، إلا أن المناعة المكتسبة قد تكون محدودة أو تتلاشى مع مرور الوقت. وقد أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين تعافوا من الإصابات الأولية قد يكونون عرضة للإصابة مجددًا، خصوصًا مع ظهور سلالات جديدة من الفيروس.

6. التطعيمات تحتوي على مواد ضارة ويمكن أن تغيّر الحمض النووي

واحدة من أكثر الخرافات الضارة التي انتشرت حول لقاحات COVID-19 هي أن اللقاحات تحتوي على مواد ضارة مثل الميكروشرائح أو أنها قد تتسبب في تغيير الحمض النووي البشري. لكن هذه المزاعم لا تستند إلى أي دليل علمي. اللقاحات التي تم تطويرها لمكافحة COVID-19 مثل لقاحات فايزر وموديرنا تعتمد على تقنيات mRNA التي لا يمكنها تغيير الحمض النووي في الخلايا البشرية. بالإضافة إلى ذلك، أكدت وكالات الصحة العالمية مثل منظمة الصحة العالمية (WHO) ووكالة الأدوية الأمريكية (FDA) أن اللقاحات آمنة وفعّالة في الوقاية من الإصابة بالفيروس.

7. العيش في المنازل المغلقة والمكيفة يقيك من الفيروس

من الخرافات التي سادت في بداية الجائحة كان الاعتقاد بأن البقاء في الأماكن المكيفة أو المغلقة يمكن أن يحميك من الإصابة بالفيروس. الواقع هو أن الفيروس ينتقل من خلال الهواء، سواء كنت في الأماكن المفتوحة أو المغلقة. على الرغم من أن الأماكن المغلقة قد تكون بيئة مثالية لنقل الفيروس بسبب تركز الهواء وقلة التهوية، إلا أن التواجد في الهواء الطلق أيضًا لا يضمن الحماية إذا كانت المسافة الاجتماعية غير متوفرة أو كانت إجراءات الوقاية غير مطبقة بشكل صحيح.

8. الأشخاص الأصغر سنًا لا يتأثرون بالفيروس

انتشرت بعض الادعاءات بأن فيروس كورونا لا يؤثر على الأشخاص الأصغر سنًا، وبالتالي لا يحتاج الشباب إلى القلق. ولكن الحقيقة هي أن الأشخاص من جميع الأعمار يمكن أن يصابوا بفيروس كورونا، وفي بعض الحالات قد تكون الإصابات لدى الشباب أكثر شدة مما كان متوقعًا. كما أن الشباب يمكنهم نقل الفيروس إلى الآخرين الذين قد يكونون أكثر عرضة للفيروس، مثل كبار السن أو الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة.

9. اللقاحات تؤدي إلى آثار جانبية خطيرة

من الخرافات الشائعة أيضًا أن لقاحات COVID-19 يمكن أن تسبب آثارًا جانبية خطيرة أو تؤدي إلى وفاة مفاجئة. الحقيقة هي أن الآثار الجانبية للقاحات COVID-19 غالبًا ما تكون خفيفة ومؤقتة مثل الألم في مكان الحقن أو الحمى الخفيفة. وفي حالات نادرة جدًا قد تحدث آثار جانبية أكثر خطورة، ولكن هذه الحوادث لا تذكر مقارنة بالفوائد الهائلة التي توفرها اللقاحات في منع الإصابة بالأمراض الشديدة والوفاة.

10. الفيروس يتم تحريكه أو إطلاقه من المختبرات

أثارت بعض النظريات التي تدعي أن فيروس كورونا تم تطويره عمدًا في مختبرات كجزء من مؤامرة عالمية الكثير من الجدل. لكن التحقيقات العلمية المدعومة بالأدلة أثبتت أن فيروس كورونا نشأ بشكل طبيعي وانتقل من الحيوانات إلى البشر. منظمة الصحة العالمية أكدت في تقريرها أن جميع الأدلة تشير إلى أن الفيروس ليس من صنع الإنسان وأنه من غير المرجح أن يكون قد تم تسريبه من مختبر.

11. فيروس كورونا يختفي عندما ترتفع درجات الحرارة

انتشرت الخرافة التي تقول إن الفيروس لن يستطيع البقاء على قيد الحياة في الظروف المناخية الحارة. لكن الدراسات العلمية أظهرت أن فيروس كورونا لا يتأثر بشكل كبير بدرجات الحرارة، وبالتالي يمكن أن يستمر في الانتشار في أي مكان بغض النظر عن الظروف الجوية. بينما قد يكون الفيروس أقل قدرة على البقاء لفترات طويلة في درجات الحرارة المرتفعة أو الرطوبة العالية، إلا أن وسائل الانتقال مثل التلامس المباشر أو التنفس تبقى عوامل أساسية في انتشاره.

الخاتمة

من المهم جدًا في وقت الجائحة أن نتعامل مع المعلومات التي نتلقاها بعناية. مع انتشار الفيروس، لا بد من الاعتماد على المصادر العلمية الموثوقة مثل منظمة الصحة العالمية، والسلطات الصحية المحلية، والأبحاث الطبية المؤكدة من أجل فهم كيفية الوقاية من الفيروس ومعالجته بشكل صحيح. إن تفنيد الخرافات والشائعات حول فيروس كورونا لا يساهم فقط في الحفاظ على صحة الأفراد، بل في حماية المجتمع بأسره من انتشار الفيروس بشكل أكبر.